سوريا تطرد السعودية من مجلس الأمن
د.نسيب حطيط
تتقدم قوافل المقاومة السورية وحلفائها ميدانياً وسياسياً ويتساقط أمامها المضللون من التكفيريين ورعاتهم الإقليميين والدوليين وبدأ الصمود السوري يقطف ثماره الوطنية والقومية والدينية وبدأ التراجع الدولي والإقليمي والتقهقر السياسي والعسكري أمام الهجوم المضاد والذي بدأته سوريا مع حلفائها، وبدأ الذين لم يلتزموا بالوفاء والمبادئ يتراجعون عن مواقفهم ليعلن بعضهم أن تلويحه بعلم الثورة السورية كان "خطأ غير مقصود" ! ونحن نقبل هذا التراجع وإن كان غير واضح لكننا نصفح من أجل القدس وفلسطين ومن أجل الأخوة الفلسطينيين من الشتات.
تراجعت قطر وسقط "الحمدين" أثناء هجومهم على سوريا وأطاحت بهم دماء أطفال سوريا المقتولين بالسيارات المفخخة وأطاحت بهم دماء الشهيد الشيخ البوطي والمصلين في مسجد الإيمان.
قادت السعودية وقطر الهجوم السياسي في الجامعة العربية وتجاوزوا القانون وطردوا سوريا في العام 2011 وبعد سنتين عام 2013طردت سوريا السعودية من الجمعية العامة للأمم المتحدة وجعلتها تمتنع عن إلقاء خطابها أو توزيعه غضباً من الأميركيين لعدم إغتصابهم سوريا بالعدوان الخارجي كما فعلوا بالعراق وليبيا وأفغانستان !
السعوديون العرب يغضبون لإمتناع السيد الأميركي عن إغتصاب شقيقتهم سوريا ...فلا نخوة ولا دين ولا شرف !
لقد طردت السعودية نفسها تحت الضغط السوري بعدما امتنعت السعودية عن قبول عضوية مجلس الأمن إحتجاجاً على التراجع الأميركي عن العدوان وفشل مؤامرة الكيماوي في ريف دمشق وينطبق على السعودية ما قاله اشاعر يوماً :
فقل للشامتين بنا أفيقوا سيلقى الشامتون كما لقينا
حاول الخليجيون وبعض العرب عزل سوريا فعزلتهم سوريا وحاولوا تخريبها بعدما غزوها بجحافل التكفيريين وكتائب "زنا الجهاد" ووصلوا إلى الطريق المسدود فارتبكوا وانفعلوا ولم يقرأوا تاريخ العملاء مع أسيادهم، نسوا العملاء الفيتناميين في سايغون عندما تركتهم أميركا ونسوا العملاء اللبنانيين من جيش لحد في لبنان عندما تركتهم إسرائيل على الحدود فالعملاء لا يحترمهم أسيادهم بل يعقدون معهم "زواج المسيار" السياسي لحفظ مصالحهم وتحقيق شهواتهم الإستعمارية.
سقط حمد بن خليفة وهام حمد بن جاسم على وجهه في الأرض وهو ينتظر الجواب السوري عند الساعة الواحدة وخمس دقائق يوم 16/11/2011 ولم يصله الجواب بل وصلته "ركلة أميركية" على قفاه العاري وطردته خارج قطرلفشلهة في سوريا !!
سقط خالد مشعل في فندق قطري ... وسقط الشيخ القرضاوي في فتاوى الدم المصري والسوري ... وسقط المفكر الإسرائيلي عزمي بشارة في فبركات فضائية الجزيرة وينتظر الثنائي أردوغان – أوغلو سقوطهما في الهجمات القادمة التكفيريين و"داعش" في الساحات التركية قبل أن يسقطهما الشعب التركي المسلم في إنتخابات الربيع القادمة !
بدأت قطر بالتراجع تنفيذاً لأوامر أميركية وكانت أولى الخطوات الإفراج عن المخطوفين اللبنانيين في أعزاز ،وكذلك بدأ التراجع القطري عن المضاربة على الليرة السورية والخطوات المقبلة ستظهر على فضائية الجزيرة باستبدال مصطلح "كتائب الأسد" بالجيش النظامي أو القوى الأمنية النظامية.
بدأ الصراع المسلح والتصفيات المتبادلة بين قوى المعارضة السورية و أجتاحت "داعش" مواقع ما يسمى الجيش الحر وجبهة النصرة وعاصفة الشمال التركية ..
بدأت قوى ما يسمى الثورة السورية تأكل بعضها البعض ،وبدأ الإشتباك القطري السعودي في الميدان السوري وتراجعت قطر لتترك السعوديين يغرقون في الرمال السورية سياسياً وأمنياً ... وراهنوا على الإنفعال والإرتباك السعودي الذي أعقب التراجع الأميركي عن العدوان في سوريا و الإنفتاح الأميركي – الإيراني حيث وجد السعوديون أنفسهم كالزوجة المخدوعة وهي ترى عشيقها الأميركي يتركها دون إخبارها، فإنفعل السعوديون وغضبوا وعزلوا أنفسهم وتحولت الدولة وحكمتها وعقلانيتها في مهب الريح تتصرف كشخص خسر في القمار السياسي وبدأ يضرب يميناً وشمالاً فتأذى من لطم نفسه بالحائط السوري.
السعودية على أبواب القلاقل الداخلية فبعد أسبوعين ستواجه العائلة المالكة الحملة النسائية لقيادة السيارات في 26 تشرين الأول المقبل وقبلها تسربت معلومات عن محاولة إغتيال رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ، وقبلها حادثة مقتل عناصر من الحرس الوطني بالتدريب !!وتعثر الحوار اليمني الذي ترعاه السعودية ...
السعوديون مربكون وفي مأزق حقيقي وقد خسروا العراق ولم يربحوا اليمن ،خسروا سوريا ولم يربحوا مصر حتى الآن ويمكن أن يخسروا لبنان بعد إقصاء الحريري خسروا الإحتضان الأميركي "مرحليا" ويعيشون حالة قلق داخل العائلة المالكة لتحديد ولي العهد وتقاسم السلطة بين أجنحة العائلة المتنافسة ..والأهم ماذا سيفعلونا مع جحافل التكفيريين والقاعدة الذين سيعودون إلى المملكة بعد خروجهم من سوريا في حالة مشابهة لحالة الأفغان العرب الذين هربوا من أفغانستان ؟
نحن لا نريد خراب السعودية وحريصون عليها وعلى شعبها، فهم إخوتنا في الإسلام وفي العروبة ونناشدهم التراجع عن الخطأ ولا يستمروا بالخطيئة السياسية والعسكرية وأن يعودوا إلى رشدهم وأن يبادر الملك عبدالله المعروف بعروبته وبأصالته لإنقاذ السعودية من الإعصار القادم، وأن يقرأ الواقع ويعترف بفشل المشروع الأميركي ويبادر لجمع الشمل وإيقاف شلال الدم ووقف التمويل للجماعات المسلحة لحقن الدماء و
تسهيل الطريق أمام الحل السياسي لإنقاذ الأمة، وإن الإصرار على الخطأ والإستمرار بخوض المعركة منفرداً سيجعل السعودية في قلب العاصفة ولن يتحرك الأميركي لحمايتها فالأميركي ملتزم بأمن إسرائيل وصادرات النفط ولن يجازف بمصالحه من أجل "عائلة" أو "ملك" أو "أمير".
سوريا صمدت ودفعت الأثمان الغالية، لكن السيادة والكرامة الوطنية يستحقان بذل الدماء والدمار.... والذل عار حتى ولو كان على عرش من ذهب.